هل سألت نفسك لماذا ينصح الأطباء بضرورة ممارسة الرياضة بانتظام؟ وهل يوجد علاقة بين الرياضة وجهاز المناعة؟ وكيف يمكن للرياضة أن تقهر فيروس كورونا؟
يعتبر جهاز المناعة أو الجهاز المناعي من أكثر أجهزة الجسم أهمية، بسبب وظيفته في حماية الإنسان، حيث يعتبر سبب من أسباب بقاء الإنسان على قيد الحياة، فبدونه يصبح الجسم عرضة لمهاجمة الفيروسات والطفيليات والبكتيريا وغيرها من مسببات الأمراض، إذ تكمن وظيفته في المحافظة على بقاء الجسم بصحة جيدة، وحمايته من الإصابة بأنواع العدوى المختلفة، ومحاربة الجراثيم التي يتعرض لها.
يضم الجهاز المناعي أنواع مختلفة من البروتينات والخلايا والأنسجة المنتشرة في جميع أنحاء الجسم، التي تساعده على التفريق بين أنسجة الجسم الخاصة به والأنسجة الغريبة التي لا تنتمي إليه ليتخلص الجسم منها.
فكيف يمكننا المحافظة على صحة جهازنا المناعي؟ حسنًا يوجد عدة طرق، مثل:
المحافظة على النظافة الشخصية: من خلال غسل اليدين بالصابون لمدة 20 ثانية بعد استخدام المرحاض وقبل تناول الطعام وأثناء الإنتهاء من أداء عملك، مع الإلتزام بغسل اسنانك مرتين يوميًا على الأقل، والاستحمام بشكل يومي للمحافظة على نظافة الجسم والتخلص من الجراثيم والميكروبات التي يتعرض لها أُثناء اليوم.
المحافظة على الغذاء الصحي: التزام بتناول الأغذية المهمة لصحة الجسم، مثل الخضراوات والفواكه والحبوب واللحوم قليلة الدهون، إذ لا يستطيع جهاز المناعة القيام بعمله دون إمداده بالمواد الغذائية اللازمة. وفي المقابل عدم الإكثار من تناول الأطعمة الغير صحية مثل الوجبات السريعة والدهون والسكريات المُصنعة لتجنب الإصابة بالسمنة، كما أن الذين يتناولون الأطعمة الغنية بالسكريات المُصنعة يصبحون أكثر عرضة لحدوث الإلتهابات نتيجة تأثيرها السلبي على جهاز المناعة.
النوم لعدد ساعات كافي: يساعد النوم لساعات كافية، ويفضل ثماني ساعات يوميًا على الأقل للشخص البالغ، في تقوية جهاز المناعة، إذ يعمل جهاز المناعة في فترات الليل على إنتاج المزيد من خلايا الدم البيضاء، كما أن النوم الكافي يجنب تعرض الجسم إلى الإرهاق وعدم قيام أعضائه بالمهام والوظائف بصورة غير طبيعية.
تجنب التوتر والضغط العصبي: يعتبر الضغط العصبي من أهم أسباب ضعف جهاز المناعة، حيث يؤدي إلى إفراز كميات كبيرة من هرمون الكورتيزول الذي يؤثر على عمل جهاز المناعة بصورته الطبيعية، لذلك ينصح الأطباء من يعملون بوظائف فيها الكثير من الضغط العصبي، بتدريب أنفسهم على أخذ فترة من الراحة خلال العمل، ومحاولة الخروج من دائرة الضغط. كذلك يجب تجنّب العزلة، فقد أظهرت الأبحاث أن الذين لهم علاقات اجتماعية جيدة تقل فرصة إصابتهم بالأمراض المختلفة نظرًا لتقليل نسبة هرمون الكورتيزول في الجسم، كما يجب التخلص من المشاعر السلبية (التوتر، والقلق، والخوف، وغيرها) حيث أكدت الدراسات أن الذين يعانون من التوتر بشكل دائم تزداد احتمالية إصابتهم بالأمراض نظرًا لضعف جهازهم المناعي، بينما يتطور جهاز المناعة جيدًا لدى المتفائلين والذين يفكرون بإيجابية.
تجنب التدخين والكحوليات: يؤدي النيكوتين والكحول لتعطيل عمل جهاز المناعة، كما أن تعاطي الكحوليات بشكل منتظم لفترات طويلة يعرقل خلايا جهاز المناعة، أما النيكوتين فهو يعرقل إنتاج خلايا الدم البيضاء.
الالتزام بممارسة الرياضة: تعتبر الرياضة من أهم الأمور للحفاظ على صحة الجسم وأعضائه، حيث لا تعود الرياضة بالنفع على العضلات فحسب، بل تقوي أيضًا خلايا جهاز المناعة وتجعله أكثر قدرة على التصدي للبكتيريا والفيروسات المسببة للأمراض.
ما العلاقة بين الرياضة وتقوية جهاز المناعة للحماية من فيروس كورونا؟
وفقًا لدراسة ألمانية تمت في جامعة فرانكفورت نشرها في شهر مارس-2020، فإنه يمكن للتمارين الرياضية أن تحمي المصابين بفيروس كورونا من التعرض لمضاعفات شديدة، مثل متلازمة فرط التهوئة (Hyperventilation syndrome).
ووفقا للدراسة التي نشرها الدكتور لوكاس مولر، الأستاذ في كلية الطب بجامعة أتلانتا الأميركية، فإن نتائج البحوث الطبية تقول بأن التمارين الرياضية تعمل على الوقاية من الإصابة بفيروس كورونا وتقليل أعراضها حال الإصابة بها.
فبحسب الدراسة، فإن 3-17%من المصابين بفيروس كورونا، مؤهلون للإصابة بمتلازمة الضائقة التنفسية. في حين تشير البيانات المتاحة من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، إلى أن 20-42% من المصابين بفيروس كورونا ودخلوا المستشفى لازدياد الأعراض لديهم، يمكن أن يصابوا بهذه المتلازمة.
وفي بحثه، درس مولر يان أحد مضادات الأكسدة القوية التي يتم إطلاقها في جميع أنحاء الجسم كانت بعد ممارسة الرياضة بمدة ساعة. النتيجة التي وصل إليها حسب قوله، هي أن التمارين الرياضية تساعد في التقليل من فرص الإصابة بالأمراض ولاسيما متلازمة الضائقة التنفسية " ARDS ". ويعرّف الدكتور مولر العنصر المضاد للأكسدة باسم "دِكْسُوتازُ " أو الأكسيد الفوقي خارج الخلية" (EcSOD)، والذي يتم إفرازه بشكل طبيعي بواسطة عضلاتنا، لكن دراسات مولر اكتشفت زيادة في الإنتاج عند ممارسة الرياضة.
يقول مولر إن الدراسة أثبتت فكرة مفادها أن زيادة كمية الأكسيد في العضلات أو الأنسجة الأخرى، من التدابير الطبيعية الوقائية، إذ يتم بموجبها إعادة توزيع الأكسيد على أنسجة الرئة، وهو ما يمكن أن يكون علاجا وقائيا قابلا للتطبيق، للحد من خطر وشدة المتلازمة.
ويضيف بقوله: "تشير نتائجنا إلى أن التمرينات الهوائية (Aerobics Exercises) فعالة بشكل خاص تعمل على تحفيز الأكسيد "، كذلك، أثبتت الدراسة أن تمارين رفع الأوزان التي تحافظ على الكتلة العضلية وتزيد منها، يمكن أن تساعد الجسم والخلايا على إنتاج مزيد من الأكسيد النافع.
وأجبرت جائحة كورونا أغلب دول العالم على فرض حظر التجول للعمل على تقليل حالات الإصابة بالفيروس واحتوائه قدر الإمكان، وهذا الإغلاق أثّر على ممارسة الرياضة في الصالات الرياضية، لكن يجب الإلتزام بممارستها في المنزل (للقراءة أكثر عن التمارين الرياضية في البيت اضغط هنا).
ماهي التمارين التي تعمل على تقوية مناعة الجسم؟
من المهم الحفاظ على صحَة جهاز المناعة لتعزيز دفاعاته ضد البكتيريا والفيروسات، بخاصة مع انتشار وباء "كوفيد-19". وفي هذا الإطار، تساهم التمارين الرياضية وخصوصًا التمارين الهوائية (Aerobics Exercises) في رفع كفاءة جهاز المناعة.
وهذه أربعة تمارين تعمل على تقوية مناعة الجسم:
السباحة:
السباحة مهمة في تقوية جهاز المناعة، والحفاظ على صحّة الجسم، فهي من ضمن التمارين الهوائية. خلال السباحة، يزداد عمل القلب فيعمل على إنتاج الطاقة، ممّا يعزز قدرات الأوعية الدموية. يُنصح بأداء السباحة مرتين في الأسبوع، خصوصًا للذين يقضون ساعات طويلة في الجلوس أمام شاشات التلفاز والحاسوب يوميًا.
الوثب بوساطة الحبل:
للوثب على الحبل فوائد صحية كثيرة، فهي تعمل على تقوية جهاز المناعة وزيادة حرق الدهون من خلال زيادة معدلات الحرق الناتجة عن الحركة السريعة في إنقباض العضلات، وأيضًا تعمل على تحرير الجسم من الضغط.
المشي والركض:
تعمل ممارسة المشي أو الركض يوميًّا في الحفاظ على صحة الجسم، وذلك عن طريق تعزيز صحة جهاز المناعة، وزيادة قوته، وتسريع عملية الشفاء من الأمراض. لذا، يُفضّل ممارسة المشي السريع لثلاثين دقيقة على الأقل في اليوم.
4. تمارين ترفيهية
هنالك تمارين رياضية ترفيهية تعمل على تقوية جهاز المناعة، وتعمل على زيادة المتعة لممارسها، في الوقت نفسه. ومن الأمثلة على هذه الرياضات: كرة القدم، أو كرة المضرب، أو التزلّج على الجليد، أو التجديف، أو غيرها من الرياضات الأخرى التي يمكن اعتبارها كهواية ترفيهية ومفيدة للصحة.
لذلك يجب الإلتزام بأداء التمارين الرياضية، ففائدتها ليست فقط للمحافظة على مناعة الجسم، بل أيضًا تعمل على زيادة الشعور بالسعادة وتقليل الطاقة السلبية، فالرياضة تعمل على زيادة إفراز الهرمونات المسؤولة عن الشعور بالفرح، فإن المواظبة على ممارسة التمارين الرياضية من شأنه أن يزيد من كفاءة المنظومة المناعية، لتصبح أكثر قدرة على مواجهة فيروس كورونا المستجد، لأن الرياضة تحفز المناعة على إنتاج المزيد من كرات الدم البيضاء، كما تساهم في طرد السموم من الجسم.
Comments